الجمعة، 21 يونيو 2013



عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ يَسْتَعْجِلْ» قَالُوا: وَمَا الِاسْتِعْجَالُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُكَ فَلَا أَرَاكَ تَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَدَعُ الدُّعَاءَ»

الجمعة، 17 أغسطس 2012

زكاة الفطر


شرعت زكاة الفطر في السنة الثانية من الهجرة، وهي نفس السنة التي فرض الله فيها صوم رمضان. ودليل مشروعيتها ثبت في السنة في أحاديث عدة، منها ما رواه أبو سيعد الخدري رضي الله عنه، قال: "كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله..." رواه البخاري و مسلم ؛ ومنها خبر ابن عباس رضي الله عنهما، قال ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، طهر للصائم من اللغو والرفث، وطمعه للمساكين...) رواه أبو داود و ابن ماجه ؛ وورد غير ذلك من الأخبار التي أفاد مجموعها وجوب صدقة الفطر على كل مسلم.
حكم زكاة الفطر وعلى من تجب
لأجل ما تقدم، فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم، ذكر أو أنثى، صغير أو كبير، عاقل أو مجنون؛ وعلى الجملة: يشترط لوجوبها أمران: الإسلام، وملك النصاب الخاص بها.
وعلى هذا، تجب زكاة الفطر على كل من مَلك قوته وقوت من تلزمه نفقته ليلة العيد ويومه، فمن ملك ما يزيد عن حاجته، وحاجة من تلزمه نفقته من الحاجات الأصلية، كالطعام والشراب المسكن والمركب، فقد وجبت عليه زكاة الفطر.
ويُلزم الأب بفطرة أبنائه الصغار حتى البلوغ، فإن أصبحوا من أهل التكليف، فلا يجب عليه إخراج الزكاة عنهم؛ ودليل هذا ما رواه الدار قطني في "سننه"  من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: (أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر؛ عن الصغير والكبير، الحر والعبد، ممن تمونون) في إسناده إرسال؛ وإذا كان للصغار مال، فتجب الزكاة في مالهم، ولا تجب في مال الأب على المعتمد.
ثم إن الراجح من أقوال أهل العلم، أن الدَّيْن ليس مانعاً من زكاة الفطر، والصحيح أنها تجب في مال الزوجة، وفي مال الوالدين، لقوله تعالى: { ولا تزر وازرة وزر أخرى } (الإسراء:15).
وقت إخراجها
أما عن وقت وجوبها، فالأرجح عند أهل العلم، أنها تجب عند غروب شمس ليلة عيد الفطر، ولا تسقط بتأخير أو موت بل تبقى في الذمة حتى تؤدي.
قالوا: ويجب إخراجها قبل صلاة العيد، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أغنوهم عن الطلب هذا اليوم ) رواه الدار قطني ؛ ويحرم تأخيرها إلا لعذر، لقوه صلى الله عليه وسلم: ( من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ) رواه أبو دوادو ابن ماجه ، وذلك لفوات المعنى المقصود منها، وهو دفع حاجة الفقراء والمحتاجين؛ فإذا أُخِّرت وجب قضائها، وأثم بذلك مؤخِّرُها، إن لم يكن ثمة عذر للتأخير .
جنسها ومقدارها
أما عن الجنس الواجب إخراجه ومقداره في زكاة الفطر، فأنسب الأقوال في ذلك أن تُخْرج من غالب قوت البلد، لما في ذلك من مصلحة لدافع الزكاة وللفقير معاً.
ومقدار الواجب إخراجه، صاع من البُّرِّ، أو الشعير، أو التمر، ويقدر الصاع من البُرِّ بكيلوين وأربعين غراماً، ومن غير البُرِّ بحسبه.
وتدفع صدقة الفطر للفقراء والمساكين دون سائر مصارف الزكاة الثمانية، وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيميةرحمه لله؛ ولا يجوز دفعها إلى من تجب على الإنسان نفقته؛ كما لا يجوز دفعها إلى أهل الذمة.
ويجوز دفع زكاة الفطر لفقير واحد، أو عدة فقراء؛ والأولى دفعها إلى الأقرباء الفقراء الذين لا تجب نفقتهم على المزكي.
الحكمة من تشريعها
ومن المفيد أن نعلم، أن زكاة الفطر شُرعت لحِكَمٍ عديدة؛ منها: جبران نقص الصوم؛ وقد تقدم في الحديث، قوله صلى الله عليه وسلم: ( زكاة الفطر، طهرة للصائم من اللغو والرفث )وقال بعض أهل العلم: زكاة الفطر كسجدة السهو للصلاة، تجبر نقصان الصوم، كما يجبر سجود السهو نقصان الصلاة.
ومن حكمها أيضاً: إغناء الفقراء عن السؤال، وتقدم أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم أن زكاة الفطر: ( طعمة للمساكين ) وهو مطلب شرعي دلت عليه كليات الشريعة ومقاصدها، فضلاً عما تؤدي إليه هذه الصدقة من التكافل بين المجتمع، والتراحم بين طبقاته، وشعور بعضهم ببعض.

الجمعة، 3 أغسطس 2012


صيام الجوارح

المقصود هنا بصيام الجوارح هو حفظها من كل قول أو فعل محرم يؤدي إلى تقليل أجر الصائم وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الأقوال والأفعال المحرمة تنقص من أجر الصائم حيث قال "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" رواه البخاري وأبو داود. ونسبة الصيام هنا للجوارح هو من باب نسبة الفعل إلى جارحة الفاعل لأنه هو الذي قام بهذا الفعل وقد نسب النبي صلى الله عليه الفعل إلى الجوارح فقال "العينان تزنيان وزناهما النظر واللسان يزني وزناه النطق والفرج يصدق ذلك أويكذبه.... متفق عليه" ‏قال ابن حجر رحمه الله في كتابه فتح الباري"واحتج للشافعي فيما ذكر الخطابي بأن الأفعال تضاف للأيدي لقوله تعالى: (فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (الشورى: من الآية30) وقوله: (بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ) (الحج: من الآية10) وليس المراد في الآيتين جناية الأيدي فقط بل جميع الجنايات اتفاقا فكأنه إذا قال زنت يدك وصف ذاته بالزنا لأن الزنا لا يتبعض....".

ووقوع الجوارح هنا في المحرمات ليس من المفطرات الحسية للصائم، ولهذا قال العلماء إن هذه المعاصي تؤدي إلى نقصان أجر الصائم وقد نقل ابن الوزير الاتفاق على أن الكذب والغيبة يكرهان للصائم ولا يفطرانه، وهذه الجوارح التي يجب على المسلم حفظها ومنعها من فعل المحرمات والحرص على أن تصوم عنها هي ما يلي:

1- صيام اللسان: صيام اللسان هو منعه من القول المحرم سواء في نهار رمضان أثناء الصيام أو في الليل بعد إفطار الصائم وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم خطورة اللسان على صيام المسلم بقوله: "من لم يدع قول الزور" والمقصود بقول الزور هو كل قول مائل عن الحق ومنه الكذب والبهتان والسب والشتم والغيبة والنميمة ومن أعظمه شهادة الزور الكاذبة في أخذ الباطل أو إبطال الحق.وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أهمية حفظ الصيام من كل قول محرم يخل بهذا الصيام فقال صلى الله عليه وسلم "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم" متفق عليه. وقد بين الله تعالى في كتابه الكريم أن الإنسان محاسب على كل كلمة يقولها فقال سبحانه وتعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (قّ:18)، والرقيب: هو ملك يراقبه وأما العتيد:أي أنه حاضر معه.كما نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهمية حفظ اللسان فقال: "من يضمن لي مابين لحييه – أي لسانه- ومابين رجليه – أي فرجه – أضمن له الجنة" متفق عليه. قال النووي رحمه الله: اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الإمساك عنه لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه وذلك كثير في العادة والسلامة لا يعدلها شيء.

2- صيام العينين: صيام العينين يكون بامتناعهما عن النظر لكل ما هو محرم من عورات لا تحل أو نساء متبرجات أو نظر امرأة لرجل بشهوة أو غير ذلك فإن وقع المسلم في شيء من ذلك فإن ذلك ينقص أجر صيامه وقد نبه إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما نسب الزنا إلى العينين عند النظر إلى ما هو محرم فعن ‏ ‏ابن عباس ‏رضي الله عنهما ‏قال ما رأيت شيئا أشبه ‏ ‏باللمم ‏ ‏مما ‏ ‏قال ‏ ‏أبو هريرة ‏ أن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏إن الله كتب على ابن ‏ ‏آدم ‏ ‏حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العينين النظر وزنا اللسان النطق والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه " متفق عليه. قال ابن حجر في فتح الباري قال ابن بطال: سمي النظر والنطق زنا لأنه يدعو إلى الزنا الحقيقي، ولذلك قال " والفرج يصدق ذلك ويكذبه.

3- صيام الأذنين: صيام الأذنين يقتضي منعهما من الاستماع للكلام المحرم كالاستهزاء بالله عز وجل أو برسوله صلى الله عليه وسلم أو بالدين الإسلامي أو بشعيره من شعائره أو كالغيبة أو النميمة أو الأغاني المحرمة ومما يدل على نقص الصيام عند استماع الكلام المحرم نهي النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" ولاشك أن استماع المحرمات هو من الجهل الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث.وقد نهى الله تعالى في كتابه الكريم عن استماع المحرمات فقال سبحانه: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ...) (القصص: من الآية55)، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) (المؤمنون:3)، وقال سبحانه: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء: من الآية36) وأما إذا وجد المسلم أو المسلمة في مكان فيه غيبة أو نميمة فإنه إما أن يرد عن عرض أخيه المسلم ويمنع المغتاب أو النمام من ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة" رواه الترمذي وأحمد بسند حسن.وإذا لم يستطع المسلم الرد عن عرض أخيه أو كان في مجلس فيه كلام محرم كسب الله جل جلاله أو سب النبي صلى الله عليه وسلم أو سب الإسلام أو غيبة أو نميمة فإنه يجب عليه أن يفارق هذا المجلس لقول الله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (الأنعام:68)، وقوله سبحانه: (الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا) (الأنعام: من الآية68) أي: الذين يخوضون فيها بالطعن والاستهزاء.

وكذا يحرم على المسلم استماع الأغاني لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام البخاري تعليقاً ووصله ابن حجر حيث قال: "ليأتين على الناس زمان يستحلون فيه الحر والحرير والخمر والمعازف".


وسمعك صن عن سماع القبيح
تصون اللسان عن النطق به

فإنك عند استماع القبيح

شريك لقائله فانتبه

4- صيام اليدين والرجلين: صيام اليدين هو بامتناعهما عن فعل الحرام من أخذ للمال الحرام أو تناول المشروب أو المطعوم المحرم أو البطش وإلحاق الأذى بالآخرين أما صيام الرجلين فبمنعهما من السير إلى الأمور المحرمة أياً كانت هذه الأمور وقد نبه إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله "العينان تزنيان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان والفرج يزني" رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4150. قال النووي في شرحه لصحيح مسلم "‏وفي الرواية الثانية (كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة; فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه) معنى الحديث أن ابن آدم قدر عليه نصيب من الزنا، فمنهم من يكون زناه حقيقيا بإدخال الفرج في الفرج الحرام، ومنهم من يكون زناه مجازا بالنظر الحرام أو الاستماع إلى الزنا وما يتعلق بتحصيله، أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده، أو يقبلها، أو بالمشي بالرجل إلى الزنا، أو النظر، أو اللمس، أو الحديث الحرام مع أجنبية، ونحو ذلك، أو بالفكر بالقلب. فكل هذه أنواع من الزنا المجازي، والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه. معناه أنه قد يحقق الزنا بالفرج، وقد لا يحققه بألا يولج الفرج في الفرج، وإن قارب ذلك. والله أعلم".

5- صيام القلب: والقلب يصوم عن المحرمات التي لا ترضي الله تعالى من كبر وحسد أو غل وحقد على أحد من المسلمين فإن كان القلب يحمل ً كفرا أو نفاقاً يخرج صاحبه من الملة فإن هذا يتنافى مع الصيام أصلاً فإن من شروط الصيام أن يكون الصائم مسلماً وما كان دون ذلك من المعاصي القلبية فإنها – والله أعلم - تنقص أجر الصائم فقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم تحريم الأعمال التي يحملها المسلم في قلبه على إخوانه المسلمين فقال: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً" متفق عليه.قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: المراد النهي عن ظن السوء. قال الخطابي: هو تحقيق الظن وتصديقه دون ما يهجس في النفس ; فإن ذلك لا يملك.
ومراد الخطابي أن المحرم من الظن ما يستمر صاحبه عليه، ويستقر في قلبه، دون ما يعرض في القلب

الجمعة، 1 يونيو 2012

الفتن


 ((منهج أهل السنة والجماعة في مواجهة الفتن وبيان أسبابهاو آثارها السيئة على الأمة ))







الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه رسالة كتبها بعض طلبة شيخنا
أبي الحسن السليماني حفظه الله تعالى وهو الشيخ عبدالله بن حسين بانجوة الشبوي
وفقه الله وهي بعنوان:


:: منهج أهل السنة والجماعة في مواجهة الفتن
وبيان أسبابها و آثارها السيئة على الأمة ::

نسأل الله أن ينفع بها :



الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات إعمالنا من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله , أما بعد : 


فنحن نعيش في زمن كثرت فيه الفتن فلا تكاد تطلع شمس يوم جديد إلا ويرى المسلم أنواعا من الفتن وقد عمت البلايا والمحن والنوازل والكروب والخطوب الجسام والأمة الإسلامية تعيش أحوالا عصيبة قد تكون أحرج أيام مرت بها عبر التاريخ ,ضعف , وهوان , وفرقة , واختلاف, وتناحر, وتشاجر, وجاهليات , وعصبيات , وتسلط الأعداء عليها ,ومؤامرات تدبر تلو المؤامرات فالمصائب كثيرة والجراحات عميقة والمصاب جلل , وكل ذلك بسبب ما آل إليه حال المسلمين من ضياع وتشتت واختلاف وتفرق وبعد عن منهج الإسلام الحق وتفشي المنكرات بأنواعها في بلاد المسلمين التي تطيش معها العقول ويتناولها الناس بجهل وقلة علم وبصيرة وعندها يحرك الناس مشاعر الغضب ورغبات الثار وغليان العواطف وردود الأفعال . 

ويندر وجود العاقل الحكيم الذي يتناول الأمور بالحكمة ويعلج الأمور بالعقل والرشد ويتأمل في نتائج التصرفات وأثارها السلبية على الفرد والمجتمع .
فمن هنا كان لزاما معرفة منهج سلفنا الصالح والأئمة الأعلام وكيف كانوا يتعاملون مع الفتن قبل وأثناء وبعد وقوعها لان الفتن إذا لم يرع حالها , ولم ينظر إلى نتائجها فان الحال سوف يكون حال سوء في المستقبل إلا إن يشاء الله ويتجرأ السفهاء فيها ويحتار العقلاء قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ ( والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء عند دفع السفهاء ... وهذا شأن الفتن كما قال تعالى : {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الأنفال25
***
وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله ) منهاج السنة (4/343) فالفتن من القضايا الخطيرة المزعجة ولخطورتها أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة منها , إن الفتن حين تموج كموج البحر تكسر الثوابت وتخلط الأوراق ويغيب الحق ويختلط الحق بالباطل وتجلب الهزائم على الأمةدينيا , وثقافيا , وسياسيا , وعسكريا,


ثم تحصد الفتن أرواحا ولم تميز بين عالم وحكيم وعامة الناس , بل ضحيتها النساء , والأطفال , والشيوخ , والعجائز, وربما خلقت للأمة الكثير من العاطلين والمعوقين فيصبحوا عالة على المجتمع الذي كان ينتظر نتاجهم وثمرة عملهم 


فالأمة في مواجهة الفتن تحتاج إلى رجال صادقين متسلحين بالعلم الشرعي لتبصير الأجيال وإرشادهم إلى مواقع الفتن ومراقدها , ويكون ذلك بالعلم والحلم والفقه والحكمة , مستمدين ذلك من مصادر التلقي عند الأمة وهي ـ الكتاب 
والسنة ـ والإجماع والقياس الصحيح وتجارب السلف الصالح الذين اكتووا بنار الفتنة



ومن هنا أخي الكريم اطرح بين يديك هذا الجهد اليسير المبارك ليكون لك ضياء ومرشدا وهاديا ـ بإذن الله ـ في خضم هذه الفتن المتراكمة لعل الله إن ينفع بها ـ وهي مدعمة بالنقولات العلمية بأية أو حديث صحيح أو كلام للسلف وإتباعهم بإحسان إلى يوم الدين ـ اسأل الله أن ينفع بها , وتحذيرنا هو من الفتن التي يختلط فيها الحق بالباطل وتكون بين المسلمين فلابد من التحذير منها وجاءت الأحاديث محذرة منها ـ والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل ـ فأقول مستعينا بالله متوكلا عليه ..


أولاً تعريف الفتنة:


قال الراغب الأصبهاني ـ رحمه الله ـ (( أصل الفتن : إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته )) المفردات ( ص 327)
وقال ابن منظور : (( قال الأزهري وغيره : وجماع الفتن: الابتلاء والامتحان والاختبار , واصلها مأخوذ من قولك : فتنت الفضة والذهب إذا أذبتهما بالنار , لتميز ألردي من الجيد )) ا ـ هـ لسان العرب (ص 3344) مادة فتن . 

أنواع الفتن :


قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : (( الفتنة نوعان : فتنة الشبهات : وهي أعظم الفتنتين , وفتنة الشهوات , وقد يجتمعان للعبد , وقد ينفرد بأحدهما )) أ ـ هـ إغاثة اللهفان ( 2 / 160 ) . 
والفتن أقسام باعتبار ذاتها ومألآتها فمنها فتنة الشهوات , والشبهات , وفتنة المؤمن , وفتنة الكافر وفتنة المحيا وفتنة الممات وفتنة القبر , وفتنة النار وفتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره وفتن تموج كموج البحر
ومرادنا هو النوع الأخير الذي يعصف بعوام الناس ويجتاح الخاص والعام , ويقضى على الأخضر واليابس ويتتابع , ويتراكب كموج البحر وينشأ عنه الهرج والمرج ويدع الحليم حيرانا .. واخطر الفتن هي فتنة الشبهات وهي التي عصفت بكثير من الفرق الضالة الموجودة في الساحة عبر العصور كالخوارج , والقدرية , والمرجئة , والمعتزلة والجهمية ... وغيرها من الفرق وقد تؤدي بصاحبها إلى استحلال المحرمات المقطوع بحرمتها أو ترك الواجبات وقد تؤدي به إلى الكفر والزندقة عياذا بالله . 
وفتنة الشبهات : ناتجة عن ضعف البصيرة وقلة العلم والغرور والكبرياء والإعجاب بالنفس والرأي ,وعلاجها تصحيح القصد وعدم إتباع الهواء وقوة العلم 



وأما فتنة الشهوات : هي ناتجة عن ضعف الإيمان وضعف النفس وعدم التحلي بالصبر على اجتناب معاصي الله عز وجل وعلاجها الصبر على اجتناب المحرمات وعدم الاستجابة للنفس الأمارة بالسوء واللجوء والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى


ثانياً : بعض الأحاديث الواردة في الفتن:


وردت أحاديث كثيرة في التحذير من الفتن اذكر بعضها..
1. عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم )): بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم . يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا )) رواه مسلم 


2. وعنه ـ رضي الله عنه قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم )): ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم , والقائم فيها خير من الماشي , والماشي خير من الساعي من يشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجئا أو معاذا فليعذبه )) متفق عليه 


3. عن ابي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( يوشك إن تكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شغف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن )) رواه البخاري


4. عن المقداد بن الأسود ـ رضي الله عنه ـ قال : أيم الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(( إن السعيد لمن جنب الفتن إن السعيد لمن جنب الفتن إ ن السعيد لمن جنب الفتن ولمن ابتلى فصبر فواها )) رواه ابوداءود 


5. عن ام سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فزعا يقول : ((سبحان الله ماذا انزل الله من الخزائن وماذا انزل من الفتن من يوقظ صواحب الحجرات لكي يصلين فرب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة )) رواه البخاري.


6. عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم : (( يتقارب الزمان ويقبض العلم وتظهر الفتن ويلقى الشح ويكثر الهرج قالوا وما الهرج يا رسول الله قال : القتل )) متفق عليه .


7. عن محمود بن لبيد ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اثنان يكرهما ابن ادم : يكره الموت : والموت خير للمؤمن من الفتنة , ويكره قلة المال : وقلة المال اقل للحساب ))رواه احمد ويصححه الألباني.


والأحاديث في هذا الباب كثيرة ـ والنبي صلى الله عليه وسلم : لم يحدث أصحابه وأمته بهذه الأحاديث والأخبار لتكون مجرد علامة من علامات النبوة فحسب ولا ليستدفع بها قدر الله المحتوم الكائن ولا بد , وإنما ليستفيد منها من سبقت له من الله الحسنى , ويأخذ بحجزهم من النار ان هم اعتصموا بعواصم الشرع من قواصم الفتن .


ثالثاً : أسباب الفتن: 


أبين لك أخي المبارك ـ حفظنا الله وإياك من الفتن , بعض الأسباب المؤدية 
إلى الفتن ـ وألخصها في النقاط التالية . 
من أسباب انتشار الفتن:


أولا: قلة العلم وانتشار الجهل : 


لان الجهل اخطر ما يكون في تفكك المجتمعات وتضرر الأفراد والأمم والشعوب والجاهلون هم أسرع الناس إلى الفتن , والسقوط فيها والتدافع إليها كتدافع الفراش على النار وهم حطب كل فتنة وادأة يستخدمها كل مغرض وحاقد على الإسلام وأهله لتحقيق أطماعه. 


ولذلك قرن النبي صلى الله عليه وسلم بين قبض العلم وظهور الجهل ووقوع الفتن . فقال صلى الله عليه وسلم :
يقبض العلم ويظهر الجهل والفتن ويكثر الهرج ... ) متفق عليه . 


وقال صلى الله عليه وسلم : (( إن بين يدي الساعة لآياما ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم , ويكثر فيها الهرج والهرج القتل )) متفق عليه . 


ثانياً : ضعف تدين الناس وسوء أخلاقهم : 


فالناس إذا ضعف تدينهم وقل إيمانهم ونسوا ما ذكروا به من الإيمان وصالح الأعمال اضطربت أحوالهم بما اكتسبوا من السيئات والخطايا , فيتلطخون بالدماء المحرمة ونهب الأموال وهتك الأعراض .
ولا يرد الناس إلا الإيمان والخوف من الله .


ثالثاً : عدم تحكيم شريعة الله في الأرض : 


إذ كل القوانين التي وضعها البشر فيها من الظلم والجور والحيف مما يسبب الفتن والشرور ـ والخير كل الخير في تحكيم الشريعة . لذلك قال تعالى : {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة17 فلو علم القاتل انه سيقتل ما أقدم على القتل, والسارق ستقطع يده ما أقدم على السرقة وهكذا في جميع الأحكام المعطلة . 


رابعاً: الظلم : 


لان الظلم ظلمات ويجر البلاء على البلاد والعباد , وتكثر الفتن والقلاقل والتشتت بين الأفراد والمجتمع .


والظلم سواء كان من الراعي أو الرعية عواقبه وخيمة وآثاره سيئة. 


خامساً: مخالفة شرع الله : 


لان مخالفة الشرع يجلب لأهله الشرور قال تعالى ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور63 قال ابن كثير في تفسيرها : (أي فليحذر الذين يخالفون عن أمره وليخشى من خالف أمره ظاهرا وباطنا أن تصيبهم فتنة , أي في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة , أو يصيبهم عذاب اليم في الدنيا بقتل أو حد أو حبس أو نحو ذلك ..)


سادساً : وجود دعاة الفتنة بين الناس :



الذين يزينون القبيح ويقبحون الحسن , ويضلون الناس بغير علم ويزجون بهم في خضم الفتن لتحقيق مأربهم الدنيئة فينشرون الدعايات بين الناس ويربون الأجيال على ذلك ويربون الأجيال على الثأر وحب الانتقام من المؤمنين وينشرون بينهم القصائد والأشعار الداعية إلى الفتنة أو المنشورات ويشحنون قلوبهم في المجالس الخاصة والعامة فيضيع الولاء والبراء بين المؤمنين فلا يرى المؤمن عدوا له إلا جاره وقريبه ومن يصلي معه في المسجد فيتحمل دعاة الفتنة أوزار من أضلوهم بغير علم وهم كثير في المجـتمع المسلم ـ لا كثرهم الله ـ 


سابعاً: تفرق الدولة الواحدة إلى أحزاب وجماعات ونشر ألعنصرية بينهم:


والولاء والبراء لذلك فينشى عنه فتن ومصائب كثيرة وقد يحصل بينهم تنافس غير محمود يبداء بتتبع الزلات والتراشق بالكلمات عبر الصحف والمجلات والمهرجانات وينتهي بالمواجهة المسلحة والواقع اكبر شاهد على ذلك . 


ثامناً: قلة الإدراك والوعي بين أبناء الإسلام ونشر ألعنصرية والمناطقية بينهم : 


وقد حاول أعداء الإسلام في عهد الرسول إيجاد ذلك بينهم حتى ارتفعت الأصوات بينهم قائلين ـ يا للأنصار وقائل يا للمهاجرين ـ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ابد عوى الجاهلية وأنا بين أظهركم دعوها فإنها منتنة ) واليوم وجدت هذه الجاهليات رواجا كبيرا بين المسلمين ووجد لها الدعاة إليها ولا يستغرب ذلك من الجاهل ولكن العجب كل العجب عندما يحصل ذلك ممن ينتسب إلى إلى العلم والدعوة ويقراء الآيات والأحاديث المحذرة من ذلك فلا تحرك فيه ساكنا وكأنها لا تعنيه أو يفهم لكنه متبع لهواه فان كان كذلك فلتبكي على الإسلام البواكي . 


تاسعاً : ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: 


إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة هي سفينة النجاة لهذه الأمة والعقلاء يعلمون أن من أعظم أسباب الفتن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ : ( وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان , فقد يذنب الرجل أو الطائفة ويسكت آخرون عن الأمر والنهي , فيكون ذلك من ذنوبهم , وينكر عليهم آخرون إنكارا منهيا عنه , فيكون ذلك من ذنوبهم فيحصل التفرق والاختلاف والشر , وهذا من أعظم الفتنوالشرور قديما وحديثا ... ومن تدبر الفتن الواقعة رأى سببها ذلك , ورأى أن ما وقع بين أمراء الأمة وعلمائها ومن دخل في ذلك من ملوكها ومشايخها ومن تبعهم من العامة من الفتن هذا أصلها ) أ ـ هـ الاستقامة ( 2/241) 


إذا ترك الأمر بالمعروف هو من أعظم أسباب الفتن والبعض يظن أن اعتزال الفتن يعني ترك هذا الأمر وهذا خطأ , فإن اعتزال الفتن لا يمنع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإظهار الشرع وإعلاء كلمة الله والنصح لكل مسلم ـ بحسب الاستطاعة ـ والله أعلم . 

يتبع ,,,,,
راجية الفردوس غير متواجد حالياً  
قديم 05 Mar 2011, 02:04 PM  #2
مشرفة الدعوة والداعيه ~

الصورة الرمزية راجية الفردوس

تاريخ التسجيل: Dec 2006
الدولة: عــــ الإسلام ـــــز
المشاركات: 10,696
معدل تقييم المستوى: 1324
راجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond repute
افتراضي






أهم القواعد والضوابط عند أهل السنة والجماعة في مواجهة الفتن :


إن مجرد بقاء الوحي كتاباً وسنة ـ بلا تحريف ولا تبديل لرسمه ـ نعمة من الله عز وجل علينا , فالعمل بالوحي هو الذي بني الجيل الأول والقرون المفضلة ولم يكن مجرد الانتساب كافياً . بل كان وراء ذلك فهم متوازن متكامل للعقيدة على منهج أهل السنة والجماعة , وتطبيق حي واقعي لأحكام الإسلام وكمنهج تربوي يحفظ هذا المجتمع على الصورة الصحيحة للإسلام فكراً وعملاً ومن ثم كان ذلك الجيل هو الحجة علينا وعلى البشرية جمعاء إلى يوم القيامة وسبيلهم هو السبيل الوحيد لإقامة الحق والخير قي هذه الأمة ـ بإذن الله تعالى ـ ومخالفتهم فيما اجمعوا عليه زيغ وضلال قال تعالى : {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى 

وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً } النساء115 

وقال الإمام مالك رحمه الله ( لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ).

ومن رحمة الله بالأمة أن بيّن لهم السنة العملية التي عمل بها أصحاب رسول الله والتابعون وأئمة السلف عندما يستجد لهم شيءٌ من الحوادث والفتن وكيف تعاملوا معها حتى نقتفي أثرهم ونسير على نهجهم ومن سار خلف مهتدٍ ووقف الأدلة الشرعية وفق إلى خير كثير ولن يندم أبداً فيا ترى ما هي منهجيتهم في مواجهة الفتن ـ أقول وبالله التوفيق ...


أولاً : الاعتصام بالله ـ :
ويكون ذلك بالاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه 


رسول الله بالصبر ويمر عليهم وهم يعذبون ويضربون بالسياط من كفار قريش في صدر الإسلام بمكة يمر على آل ياسر ويقول لهم صبرافالواجب على الناس جميعاً فيوقت الفتن وغيرها الاجتماع والاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على فهم السلف الصالح ـ رضي الله ـ عنهموالواجب على العلماء والدعاة والمصلحين الحقيقين تحذير الأمة من هذه الفتن التي تموج موج البحر , وجمع الأمة على الكتاب والسنة فإنه لا مخرج ولانجاة للناس إلا بالاعتصام بهما ـ قال تعالى {وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } آل عمران آيه ( 101 )


قال ابن كثير ـ رحمه الله ـالاعتصام بالله , والتوكل عليه هو العمدة في الهداية والعدة في مباعدة الغواية , والوسيلة إلى الرشاد , وطريق السداد , وحصول المراد )) أ ـ هـ

وقال تعالى {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنعْمَ النَّصِيرُ } الحج آيه ( 78 )

ويقول عليه الصلاة والسلام(( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي ... ) رواه مسلم 


وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال وعظنا رسول الله موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا الله كأنها موعظة مودع ، فأوصنا قال : (( أوصيكم بتقوى الله ـ عز وجل ـ والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد , فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ , وإياكم ومحدثات الأمور, فإن كل بدعة ضلاله ))رواه أبو داؤود والترمذي

وهذا هو منهج السلف في ذلك الاعتصام بالكتاب والسنة عند وقوع الفتن .

فعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال : لما وقع من أمر عثمان ما كان وتكلم الناس في أمره أتيت أبيّ بن كعب فقلت : أبا المنذر ما المخرج ؟ قال :كتاب الله قال : ما استبان لك منه فاعمل به وانتفع به وما اشتبه عليك منه فآمن به وكله إلى عالمه )) التاريخ الأوسط للبخاري (1/64) وإسناده صحيح.


ثانياً : الالتفاف حول العلماء :

أولئك العلماء الربانيون علماء أهل السنة والجماعة الذين أمر الله بسؤالهم والرجوع إليهم قال تعالى {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } النحل43


وأمرنا سبحانه برد الأمور إليهم فقال { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } النساء83 

فالالتفاف حول العلماء من أعظم العوامل المعينة على إصابة الحق والهداية والرشاد وعدم الزيغ والانحراف والضلال في وقت الفتن فالعلماء هم العدة والعتاد بعد الله في الفتن وهم أنصار الشريعة والذابين عنها وهم مفاتيح الخير في الأمة والبقية الصالحة فيهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن من الناس ناسا مفاتيح للخير مغاليق للشر... الحديث رواه الترمذي ويصححه الألباني


ـ فلا بد من سؤالهم والالتفاف حولهم وحضور حلقهم وزيارتهم والاتصال بهم وتتوثق بيننا وبينهم العلاقة ولا نجعل أعداء الإسلام يحولون بيننا وبينهم وذلك بزعزعة مرجعيتهم في الأمة وقد حدثت في الأمة فتن كثيرة ثبت الله فيها المسلمين بعلمائهم في مواطن كثيرة ـ

لذلك قال علي المدينى : ـ رحمه الله ـ ( اعز الله الدين بالصديق يوم الردة وبأحمد يوم المحنة) فيا امة محمد عليكم بالرجوع إلى العلماء والتفوا حولهم فأنهم القدوة والأسوة والمربون والصادقون والمخلصون للأمة في نصحهم وإرشادهم اقتداء بالسلف الصالح ـ رضي الله عنهم ـ عند تغير الأحوال يلتفون حول علمائهم ويرجعون إليهم ـ واليك بعض الأمثلة في ذلك .

 عن بشير بن عمر قال : شيعنا ابن مسعود حين خرج , فنزل في طريق القادسية فدخل بستانا فقضى حاجته ثم توضأ ومسح على جوربيه ثم خرج وان لحيته ليقطر منها الماء فقلنا له : اعهد ألينا فان الناس قد وقعوا في الفتن ولا ندري هل نلقاك أم لا ؟ قال : اتقوا الله واصبروا حتى يستريح بر أو يستريح من فاجر وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع امة محمد على ضلالة).

2ـ عن أبى المنهال قال : ( لما كان ابن زياد ومروان بالشام , ووثب ابن الزبير بمكة , والقراء بالبصرة , فانطلقت مع أبي برزة الأسلمي , حتى دخلنا عليه في داره , وهو جالس في ظل عًُلية له من قصب , فجلسنا إليه , فأنشأ أبي يستطعمه الحديث , فقال: يا أبا برزة , ألا ترى ما وقع فيه الناس ؟ فأول شي سمعته تكلم به قال : إني احتسب عندا لله إني أصبحت ساخطا على قريش , إنكم يا معشر العرب كنتم على الحال الذي علمتم حتى بلغ بكم من الذلة والقلة , والضلالة وان الله أنقذكم بالإسلام , وبمحمد ما ترون , وهذه الدنيا التي أفسدت بينكم , إن ذاك الذي بالشام , والله إن يقاتل إلا على الدنيا ( وفي رواية ـ فقال أبي : فما تأمرني إذا ؟ فإني لا أراك تركت أحدا ؟ قال لاارى خير الناس اليوم إلا عصابة خماص البطون من أموال الناس خفاف الظهور من دمائهم ) رواه البخاري .


والأمثلة في ذلك كثيرة ـ فينبغي الرجوع إلى أهل العلم الراسخين في العلم الذين انحت ظهورهم وشابت أصداغهم في طلب العلم ـ وقد زكى الله رايهم بقوله : {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ } سبأ6 ـ 

فالعلماء يعلمون من اصول الشريعة مالا يعلمه كثير من الناس فعندهم القدرة والقوة على مواجهة الفتن ووقاية الأمة من الوقوع فيها لانهم بما اعطاهم الله من البصيرة والعلم والمعرفة يقدرون الامور بقدرها ويبينون للناس الحق من الباطل والهدى من الضلال , والتاريخ مليئ ٌ بالشواهد والامثلة على ذلك ومتى سقطت هيبة العلماء عند العامة ركب الناس الصعب والذلول وانجرفوا خلف الفتن واصبحوا حطبها ونارها ـ عياذا بالله ... 


ثالثاً ـ لزوم الجــماعة :


توحيد المسلمين وجمع كلمتهم وتوحيد صفهم وخاصة دعاة المنهج الحق ( منهج اهل السنة والجماعة ) قال تعالى : {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103 


قال شيخ الاسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: ( ان الله قد امرالمؤمنين بالاعتصام بحبل الله جميعا ونهاهم عن الفرقة والاختلاف وأمر بإصلاح ذات البين ... الخ ولن يستطيع اهل السنة ان يقفوا أمام التحديات للأعداء ولا ان يقفوا امام فتن الشهوات والشبهات الا اذا حصل بينهم مودة وألفة وتعاون ومناصرة اما اذا كانوا متنافرين مختلفين فستذهب ريحهم

قال تعالى {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } الأنفال46. 


قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـإذا لم يكن المجتمع كانسان واحد فأنه لا يمكن ان يكون مجتمع فهوافراد متناثرة , والافراد المتناثرة ليس لها قوة ...


ولوتأملنا النصوص الشرعية لوجدناها تحرم كل مايكون سببا rللتفرق والقطيعة أ ـ هـ فتاوى 

ورسائل ابن عثيمين . ويقول عليكم بالجماعةواياكم والفرقة ) 


عن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ (الجماعة رحمه والفرقه عذاب ) رواه احمد السلسلة الصحيحة 167ا ـ 

فالمخرج قال عند حدوث الفتن والحوادث لزوم جماعة المسلمين والجماعة ليست بالكثرة ولا بالملايين يخرجون في الشوارع في المظاهرات يرددون الشعارات القومية والعربية والديمقراطية . ولكن الجماعةمن كان على الحق منهج السلف الصالح أهل السنة والجماعة فهو الجماعة ـt


لذلك كان السلف يامرون بالجماعة ويحذرون من الفرقة والاختلاف 

عن حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ قال : كان الناس يسألون رسول عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة ان يدركني فقلت : ( يارسول الله انا كناrالله في جاهلية وشر , فجاءنا الله بهذا الخير , فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : نعم , قلت : وهل بعدذلك الشرمن خير ؟ قال : نعم , وفيه دخن , قلت : وما دخنه ؟ قال : قوم يهدون بغير هديي , تعرف منهم وتنكر , قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : نعم , دعاة على ابواب جهنم من اجابهم اليها قذفوه فيها , قلت : يارسول الله صفهم لنا , قال : هم من جلدتنا ويتكلمونا بألسنتنا , قلت : فما تأمرني ان ادركني ذلك؟ قال : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم , قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال : فاعتزل تلك الفرق كلها , ولوان تعض بأصل شجرة , حتى يدركك الموت وانت على ذلك ) رواه البخاري

فهذا الحديث فيه الامر بلزوم الجماعة عندا لاختلاف


قال الطبري ـ رحمه الله ـ : ( والصواب ان المراد من الخير لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة . أ ـ هـ الفتح (13/50) فالواجب لزوم جماعة المسلمين وتحريم مفارقتهم والخروج على طاعتهم وان يسع المرء ماوسع غيره من أهل العلم والفضل والحل والعقل وان يتهم رأيه إذا خالف الجماعة ولا شك ان التفرق والتحزب مما يوهن عقد الجماعة وتصنيف المسلمين والتنابز بالألقاب مما شتت جماعتهم وفرق كلمتهم وزعزع وحدتهم وتسبب في زرع العداوة في نفوسهم فالواجب جمع الكلمة ونبذ الفرقة والخلاف ونشر المحبة بين المسلمين ولزوم جماعتهم 

رابعا : التسلح بالعلم الشرعي :

العلم الشرعي مطلب مهم في مواجهة الفتن , ولا تكثرالفتن الا اذا فشى بين الناس : ( يتقارب الزمان ويقبض العلم وتظهرالفتن ويلقى الشح ويكثرrالجهل وقل العلم . قال : (ان منrالهرج, قالوا : ما الهرج يارسول الله ؟ قال : القتل )


رواه مسلم .

وقال ( انه سيصيب امتي فيrاشراط الساعة ان يرفع العلم ويظهر الجهل ) متفق عليه

وقال : آ خر الزمان بلاء شديد لا ينجومنه إلا رجل عرف دين الله فجاهد عليه بلسانه وقلبه) فالعلم الشرعي هو المخرج بإذن الله من الفتن وأكثر من يقع في الفتن هم الجهلة من كثيرا بين رفع العلم وتفشي الجهل وبين الفتن والأدهى والأمرrالناس لذلك ربط النبي عندما يدعون غيرهم إلى ذلك . فالمسلم إذا لم يتعلم فإنه يتخبط في هذه الفتن قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ( إذا انقطع عن الناس نور النبوة وقعوا في ظلمة الفتن وحدثت البدع والفجور ووقع الشر بينهم ) . 


خامسا : الحذر من الفتن والبعد عن مواطنها :

فيجب على المسلم ان يكون حذرا من الفتن وان يبتعد عنها فان الفتن إذا جائت لا تصيب الظالم وحده . وانما تصيب الجميع ـ قال تعالى {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الأنفال 25


قال شيخ الإسلام : ( وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله ) منهاج السنة (4/343) فينبغي الحذر كل الحذر فان الفتنة لا تبقي لقائل مقالا وتجعل الحليم حيرانا فالبعد عن الفتن واجتنابها وعدم التعرض لها والخوض فيها من المطالب الشرعية التي حث عليها الشرع . 

وقد وردت أحاديث كثيرة تحذر من ذلك منها :


( .. ستكون فتن القاعد فيها خيرمن القائم , والقائم فيها خيرمن الماشي . والماشي فيها خيرمن الساعي من تشرف لها تستشرفه , فمن وجد منها ملجأ أو معاذا فليعذ به ) رواه البخاري . 


قال الحافظ : ( وفيه التحذيرمن الفتنة والحث على اجتناب الدخول فيها وان شرها يكون بحسب التعلق بها ) الفتح (13/40) 

فانظر أخي الكريم الى هذه التحذيرات النبوية الصريحة الواضحة في التحذير من الفتن والأمر بالابتعاد عنها لما فيها من الضرر والبلاء الكبير على الفرد والمجتمع لذلك حرص السلف الصالح على البعد عنها وعن مواطنها والخوض فيها فعن عبدالله بن طاووس عن ابيه عن ابي موسى انه لقيه فذكر الفتنة فقال : ( وان هذه الفتنة حيصة من : (حيصات الفتن من اشرف لها أشرفت له ومن ماج لها ماجت له ) 

سادسا : التأني والرفق والحلم وعدم العجلة :


التأني والرفق والحلم عند حدوث الفتن وتغيير الأحوال ومفارقة الطيش والعجلة من المطالب 
الشرعية وذلك ليتمكن المسلم من رؤية الأمور على حقيقتها وان يبصر الأمور وهذا ما تعلمناه من
النبي حيث قال : ( وما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيءٍ إلا شانه رواه مسلم عن عائشة .

فأثناء الفتن تختلط الأمور ويكثر القيل والقال وتدخل الأهواء وتكثر الآراء , والعصبيات الجاهلية , وهذا كله يحتاج إلى حلم ورفق وتأني في الأمور , وقد كان السلف الصالح من احرص الناس في ذلك وقد قيل

لسفيان الثوري ـ رحمه الله ـ ( يا أبا عبد الله إن الناس قد اكثروا في المهدي , فما تقول فيه ؟ قال : إن مر على , بابك فلاتكن منه في شي حتى يجتمع الناس عليه ) .

قال حميد بن هلال: أتى مطرف بن عبد الله الحرورية ( يعني الخوارج ) يدعونه إلى رأيهم فقال : ( يا هؤلاء انه لو كان لي نفسان بايعتكم بإحداهما وأمسكت ألأخرى , فإن كان الذي تقولون هدى أتبعتها الأخرى , وان كان ضلالة هلكت نفس وبقيت لي نفس , ولكن هي نفس واحدة فلا اغرر بها ) مصنف ابن أبي شيبة (7/178)

وقال أيضا : ( أتى على الناس زمان خيرهم في دينهم المتسارع , وسيأتي على الناس زمان خيرهم في دينهم المتأني , قال أبو أحمد : ( وهو محمد بن عبد الوهاب الفراء ) سألت علي بن عثام عن وأصحابه إذا أمروا بالشئ تسارعواrتفسير هذا الحديث فقال : ( كانوا مع رسول الله إليه , 

وأما اليوم فينبغي للمؤمن أن يتبين فلا يقدم إلا على ما يعرف ) حلية الأولياء (2/209) ومن كلام السلف المشهور ( إنها ستكون هناك أمور مشتبهات , فعليك بالتؤدة , فتكون تبعا في الخير خير من إن تكون رأسا في الشر ) فالحذر الحذر من الاستعجال في وقت الفتن , فان العجلة تورث الندامة والخزي والعار.

سابعا : التفاؤل والثقة بنصر الله 

فمهما ادلهمت الظلمات واشتدت الفتن وتجرأ العدو من الأمور المهمة في الحياةفان المستقبل لهذا الدين . فالتفاؤل والثقة بنصر الله المسلمين لان أحداث الحياة وشدائد الأحداث قد تورث المرء لونا من اليأس والقنوط في زمن الفتن مما يجعل الإنسان يركب أفعالا يائسة فإذا دخل اليأس للمسلم من صلاح الناس وإصلاح المجتمع في زمن الفتن اندفع إلى الفتنة وارتكب المحرمات من سفك الدماء واستحلال الأموال وغيرها ويقع في الأعمال المشينة والطوام ـ وخاصة إذا احتاجت الأمة إلى بيان لبعض الأمور المستجدة المشكلة عليها وبيان حكمه الشرعي فيها فلابد من إيجاد الثقة في قلوب الناس في وقت الضعف والفتن المدلهمة وهذا هو دور الدعاة والمصلحين في المجتمع قال تعالى : {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء ... } يوسف110

فنحن نحتاج إلى هذا المبداء العظيم حتى لا تنهزم الأمة نفسيا وتزل الأقدام بعد ثبوتها وكلما ازدادت ظلمة الليل اقترب الفجرـ وكلما ازدادت الآلام بالحامل ـ اقترب يبشر الصحابةrالفرج ـ وهذا هو منهج الأنبياء والرسل جميعا . فكان رسول الله ويثبتهم وهو رابط الحجرين على بطنه من الجوع ويحفر الخندق ويبشرهم بفتح العراق والشام ويثبت خباب بن الأرت وهو يعذب في زمن الضعف في مكة من كفار قريش ويقول له عليه السلام : ... وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ) رواه البخاري

فعرض أحاديث البشارة بأن المستقبل لهذا الدين في زمن الفتن والأحداث مهم جدا .



يتبع ,,,,

راجية الفردوس غير متواجد حالياً  
قديم 05 Mar 2011, 02:21 PM  #3
مشرفة الدعوة والداعيه ~

الصورة الرمزية راجية الفردوس

تاريخ التسجيل: Dec 2006
الدولة: عــــ الإسلام ـــــز
المشاركات: 10,696
معدل تقييم المستوى: 1324
راجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond repute
افتراضي

ثامنا : الصبر :


نحن نحتاج إلى صبر كثير وخاصة عند الشدائد والمحن وفي وقت انتشار الفتن وتسلط الظالمين وأمراء الجور ـ قال تعالى : {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } البقرة155

فالصبر هو سلاح المؤمن في مواجهة التغييرات والحوادث وقد أمر الله تعالى في آيات كثيرة بالصبر والمصابرة وأمر المؤمنين بالصبر في آيات كثيرة قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } آل عمران200

وقال : تأتي عليكم أيام, الصابر فيهن كالقابض على الجمر , للعامل فيها اجر خمسين, قالوا: يا : (رسول الله اجر خمسين منهم أو خمسين منا ؟ قال: خمسين منكم ) . وقال ورائكم أيام صبر للمتمسك فيه أجر خمسين شهيدا منكم ) رواه الطبراني السلسلة الصحيحة رقم 494,

فالصبر يظهر الفرق بين ذوي العزائم والهمم وبين ذوي الجبن والخور وكان الصحابة من احرص الناس على ذلك فكانوا يأمرون بالصبر عند حدوث الفتن والمدلهمات . وهذا موسى يأمر أصحابه بالصبر قال تعالى :

{قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }الأعراف 
وكان يقول عليه الصلاة والسلام صبراً آل ياسر فان موعدكم الجنة )ـ ويقول للأنصار ( إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ) متفق عليه .

وعن الزبير بن عدي قال : دخلنا على انس بن مالك فشكونا إليه ظلم الحجاج فقال : اصبروا لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شرمنه حتى تلقون ربكم سمعت هذا من نبيكم ) رواه البخاري .

وعن النعمان بن بشيرt مرفوعا ( انه لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتن فأعدوا للبلاء صبرا ) رواه ابن ماجه
وقد مرت فتن كثيرة بالأمة عبر التاريخ وكان العلماء يأمرون فيها بالثبات والصبر كفتنة خلق القران , وماذا حصل فيها للعلماء من بلاء وشدة وكان الإمام احمد أشدهم ابتلاء ومع ذلك كان يأمر بالصبر حتى نصره الله ـ فالصبر مفتاح الفرج ـ بأذن الله ـ {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً }الشرح

تاسعاً: النظر في العواقب :

فلابد في إمعان النظر في عواقب الأمور في زمن الفتن ففي زمن الفتن والحوادث ليس كل مقال يبدوا لك حسنا تظهره ولا كل فعل يبدو لك حسنا تفعله . لان الأقوال والأفعال في زمان الفتن يترتب عليها أمورا وتختلف افهما الناس وعقولهم وكل واحد يفسر بما يظهر له فتكون العواقب بعد ذلك وخيمة وسيئة .

قال الإمام البخاري في صحيحه : باب الفتن التي تموج كموج البحر, وقال ابن عيينة عن خلف بن حوشب :
كانوا يستحبون أن يتمثلوا بهذه الأبيات عند الفتن .

قال امرؤ ألقيس :

الحرب أول ما تكون فتيــــــــة *** تسعى بزينتـــها لكل جهول
حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها*** ولت عجوزا غير ذا تحليل

وكان خلف ـ رحمه الله ـ يقول : ( ينبغي للناس أن يتعلموا هذه الأبيات في الفتنة فالسلف ـ 
رحمهم الله ـ أحبوا السلامة في زمن الفتن فسكتوا rعن أشياء كثيرة طلبا للسلامة في دينهم ,

قال أبو هريرة : t ( حفظت من رسول الله وعائين , أما احدهما : فبثثته , وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا الحلقوم ) متفق عليه قال أهل العلم كتم أبو هريرة بعض الأحاديث لأجل أن لا تكون هناك فتنة وخصوصا بعد أن اجتمع الناس على معاوية بعد فرقة .

وعندما حوصر عثمان t في زمن الفتنة وقف بعض الصحابة يريدون الدفاع عنه كعبد الله بن عمر وأبي هريرة وابن الزبير وغيرهم فقال لهم : اقسم على من لي عليه حق أن يكف يده وان ينطلق إلى منزله .فلو تركهم لدافعوا عنه ومنعوه , ولكن نظر إلى عواقب الأمور وما قد يحصل فيها من سفك الدماء فاختار أن يكون خير ابني آدم ) انظر سير أعلام النبلاء للذهبي

ففي زمن الفتن قد يحصل بعض الطيش وتستخف بعض المقدمات العاطفية والحماس الف
ائر بعض الناس أو المواقف والمشاهد فتعميه عن النظر إلى العواقب وتقدير النتائج فيقدم على الأمر فتزل به القدم وينحرف الفهم ويجر البلاء ويزيده ـ فيندم ولآت ساعة مندم ـ فاعتبروا يا أُولي الألباب .

عاشراً : الحذر من الإشاعات في زمن الفتن :

ففي زمن الفتن تكثر الإشاعات وتنشط الدعايات وتكثر الإثارة وتضخم الأمور فالتثبت في الأمور من المطالب الشرعية المهمة وخاصة في زمن الفتن

قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }الحجرات6

وقد عاب الله المتسرعين إلى إذاعة الأخبار وإشاعتها فقال تعالى : {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } النساء83

قال السعدي ـ رحمه الله ـ : ( هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق وانه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ماسمع ... الخ ) رواه مسلم .

ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر فيكثر القيل والقال في زمن الفتن ويتناول الناس الأحاديث في مجالسهم بغير علم ولا حلم ولا تؤدة ـ وخاصة أننا ابتلينا في هذا الزمان بغثاء الفضائيات التي تنشر كل ما يحصل ويحدث في العالم من دون النظر في صحة الأخبار أو النظر في عواقبها المترتبة على نقل الكثير من الأخبار والحوادث , وبعض القنوات خصصت لإثارة الفتنة بين الشعوب وبين الراعي والرعية بل تخصصت في نقل المثالب والأخطاء والسلبيات في المجتمعات ـ وهذه هي الفتنة بعينها ـ ونشر الفاحشة بين الناس

قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }النور19 والإشاعات هي سلاح الأعداء دائما وابدأ وقد سطر التاريخ أحداثاً كثيرة من الإشاعات التي لها الأثر السلبي
على الأمة من ذلك .

1.لما هاجر الصحابة الكرام من مكة إلى الحبشة وكانوا في أمان أشيع أن كفار قريش قد اسلموا فخرج بعض الصحابة من الحبشة وتكبدوا عنا السفر ومخاطر الطريق حتى وصلوا مكة فوجدوا الخبر غير صحيح وانه مجرد إشاعة ولا قوا بعد ذلك من صناديد قريش التعذيب

2.في غزوة احد لما قتل مصعب بن عمير أشيع أنه الرسول جعل هذا الخبر الكاذب البعض يترك ساحة القتال مما عاد بالأثر السيء على المسلمين في المعركة ـ وكل ذلك بسبب الإشاعة.

3.إشاعة حادثة الإفك التي اتهمت فيها العفيفة الصديقة ابنة الصديق عائشة ـ رضي الله عنها ـ البريئة الطاهرة المطهرة من الفاحشة وللمؤمنين من البلاءr وماذا حصل بسبب ذلك لرسول الله أحب الناس إلى رسول الله والشدة وكل ذلك بسبب الإشاعة فيجب على الناس التثبت في سماع الأخبار ونقلها وبثها والابتعاد عنها اسلم لدينهم ودنياهم ـ والله اعلم ـ

الحادي عشر :
عدم تطبيق ما جاء في الأحاديث في الفتن على الواقع :

إن مراجعة أحاديث الفتن في زمن الفتن يكثر بين الناس في مجالسهم الخاصة والعامة ومنتدياتهم ـ كقولهم قال الرسول كذا وكذا ـ ثم ينزلون الحديث على واقعة معينة في بدايتها أو عند ظهور أمارات فتنة ويقولون في حديث كذا... لكن هذا ليس هو منهج السلف فيrهذه هي الفتنة التي ذكر رسول الله ذلك بل علمونا إن تطبيق الأحاديث على الفتن إنما يكون بعد حدوثها وانقضائها فيظهر وهو الصادق المصدوق.. لكن يحلو لبعض الناس تطبيق أحاديث الفتنrصدق ما اخبر به على أوقات وأشخاص معينين وهذا منهج خاطئ

مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة وقد يؤلف البعض كتبا في ذلك ومن اكذب الكتب المؤلفة في ذلك كتاب ( هر مجدون ) ( وآخر نداء يا أمة الإسلام ) ـ فقد سلك صاحبه فيه مسلكا منحرفاً جدا عندما اعتمد أولاً على أحاديث غريبة وموضوعة ومكذوبة ثم طبقها على أشخاص ووقائع معينة فظهر كذبه مباشرة بموت أولئك الأشخاص مثل تنزيله أحاديث السفياني على صدام وانه هو السفياني الذي اخبر به الرسول في الأحاديث فمات صدام وانكشف عواره وظهر جهله ـ لكن أهل السنة والجماعة يذكرون أحاديث الفتن ويحذرون المسلمين منها ومباعدين لهم عنها , فإذا انكشفت الفتنة فإذا كانت مطابقة لما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام قال العلماء : للناس هذا أما أننا نتكلف في تأويل الأحاديث وإنزالها على الواقع بغيرrصدق ما أخبر به النبي علم ولا دراية ـ فهذا من علامات الجهل والزيغ والضلال ـ حفظ الله الجميع

يتبع ,,,
راجية الفردوس غير متواجد حالياً  
قديم 05 Mar 2011, 02:26 PM  #4
مشرفة الدعوة والداعيه ~

الصورة الرمزية راجية الفردوس

تاريخ التسجيل: Dec 2006
الدولة: عــــ الإسلام ـــــز
المشاركات: 10,696
معدل تقييم المستوى: 1324
راجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond repute
افتراضي

الثاني عشر : ضبط مصادر التلقي عندا لأمة :


عند حدوث الفتن يكثر الكلام وتكثر التحاليل ويتطاول الجهلة وتعقد مجلس تحليلية ولقاءات وندوات ويطرح السياسيون والمفكرون ما عندهم من خير وشر وتكثر العنوان في الصحف ونشرات الأخبار المسموعة والمرئية , فيحصل الخبط وتكثر الأخطاء ويتكلم من ليس بأهل للكلام في قضايا الأمة الجسام بل قد يتطاول الحمقاء إلى الخوض في معتقدات الأمة وثوابتها التي لا مساومة عليها فتطرح على مائدة الحوار للرأي والرأي الآخر .


فهذه منزلقات خطيرة وتؤدي بالأمة إلى الهاوية فلابد من ضبط مصادر التلقي عند الأمة وفيما تكون الحجة الشرعية والسير مع الدليل الشرعي الصحيح من الكتاب والسنة والحكم على الفتنة من خلال المنهجية الصحيحة , وإن هذه الفتن تعلمنا أن أي قول أو عمل مهما كان عامله أو قائله لابد أن يعرض على الكتاب والسنة فإن وافق الكتاب السنة فذاك , وإن خالف فلا يقبل وإن لم نجد ما يدل عليه موافقة أو مخالفة أستفرغ العالم المجتهد المتأهل جهده وهو في ذلك بين أجر وأجرين

قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ والله تعالى لا يأمر بأمر لا يصلح به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا , وإن كان فاعل ذلك من أولياء الله المتقين , ومن أهل الجنة فليسوا أفضل من علي وعائشة وطلحة والزبير وغيرهم .. ومع هذا لم يحمدوا ما فعلوه من القتال وهم أعظم قدرا عند الله , وأحسن نية من غيرهم ... الخ منهاج السنة (4/ 528)


وقال ـ رحمه الله ـ ومما يتعلق بهذا الباب أن يعلم أن الرجل العظيم في العلم والدين من الصحابة والتابعين من بعدهم إلى يوم الدين ـ أهل البيت وغيرهم ـ قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقرونا بالظن , ونوع من الهوى الخفي فيحصل بسبب ذلك مالا ينبغي إتباعه فيه , وأن كان من أولياء الله المتقين , ومثل هذا إذا وقع يصير فتنة لطائفتين : طائفة تعظمه فتريد تصويب ذلك الفعل وإتباعه عليه , وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحا في ولايته وتقواه بل في بره وكونه من أهل الجنة بل في إيمانه حتى تخرجه عن الإيمان وكلا هذين الطرفين فاسد) منهاج السنة (4/543)


فكل قول معروض على الوحيين الكتاب والسنة فما وافق ودعمه الدليل أخذ به وما خالف فيرد على قائله كما قد رأيت من كلام أهل العلم , ولا تعرض الأقوال ولا تناقش ولا يناقشها إلا من كان متأهلا من أهل الاختصاص من العلماء وطلبة العلم . ولا يفتح المجال للرويبضة وهم السفهاء الذين يتكلمون في أمور العامة بلا علم ولا دين .


الثالث عشر : لزوم العدل والإنصاف :


العدل والإنصاف عزيز فإذا غاب العدل والإنصاف وقع الخلاف وخاصة في زمن الفتن فلا بد للمسلم أن يجاهد نفسه لتحقيق صفة العدل والإنصاف مع نفسه ومع الآخرين فان أكثر الفتن والاختلاف بين الناس سواء أفرادا أو جماعات سببه غياب الإنصاف وقد أمر الله به فقال


{ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ } الأنعام152 بل حتى مع الخصوم يجب العدل والإنصاف ـ قال تعالى { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } المائدة8 فلا بد من تحقيق ذلك في حياتنا وخاصةزمن الفتن ويكون عدلك وإنصافك في زمن الفتنة من أعظم الأسباب المنجية من الفتن 
قال الشيخ ابن عثيمين : ـ رحمه الله ـ فأوصيكم أيها الإخوة بالعدل في الأمور كلها والموازنة بينها , والحكم للراجح فيها والتسوية في الحكم عند التساوي , وهذه قاعدة كبيرة يجب على العاقل أن يتمشى عليها في سيره إلى الله وفي سيره مع عباد الله ليكون قائما بالقسط والله يحب المقسطين ) أ ـ هـ فتاوى ورسائل ابن عثيمين .


الرابع عشر : الانشغال بالعمل الصالح :


فلابد من الانشغال بالعمل الصالح وقت الفتن لان النفوس غالبا على الاشتغال بالعمل الصالح في إذا لم تشغلها بالخير اشتغلت بالشر وقد حث النبي ( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل .. ) مسلم
فكل عمل يقرب إلى الله ينبغي على المسلم أن يبادر إليه وخاصة في باب الدعوة وتوعية الناس وإرشادهم وكذلك الأمور الاجتماعية كإغاثة المحتاجين ومساعدتهم ... وغير ذلك من الإعمال النافعة المفيدة .


الخامس عشر : نبذ التعصب بأنواعه :


فينبغي على المسلم نبذ التعصب المقيت الذي جر على الأمة الويلات والوهن والضيق كالتعصب الحزبي أو المذهبي أو القومي أو القبلي . فهذه التعصبات هي من اكبر أسباب ضعف المسلمين خاصة فكم من أحزاب تقاتلت وسالت الدماء بينهم وهكذا قل في كل التعصبات المقيتة , فهي دعوات جاهلية ضررها على الفرد والمجتمع اكبر من نفعها فقد وصفها عليه الصلاة والسلام بأنها منتنة فقال ( أبدعوى الجاهلية وانأ بين أظهركم دعوها فإنها منتنة ) فلابد من رد جميع أقوال العباد وأفعالهم إلى الميزانالشرعي ـ الكتاب والسنة فما وافق أخذ به من أي شخص أو جهة كانت وما خالفهما رد مهما كانت منزلة


السادس عشر :
التعوذ من الفتن والإلحاح على الله في الدعاءوالاستغفار :


عند الفتن تطيش ألعقول وتحتار النفوس فلا تدري ماذا تعمل , وفي هذا الموقف يغفل الكثير عن أعظم الأسباب لدفع البلاء والفتن وهو الدعاء فهو عدة الأنبياء والمرسلين في تبليغ رسالات ربهم وفي مواجهة التغيرات ولا يستغني عنه أحد ( من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب ) 
صحيح الجامع للألباني .


وكذلك الاستعاذة من الفتن فعلى المسلمين أن يستعيذوا بالله من الفتن ـ تأسيا بنبيهم عن فقد كان يتعوذ بالله كثيرا من الفتن وأمر بالاستعاذة منها , فعن زيد بن ثابت r قال : ( تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ) رواه مسلم . .
وعن أبي سعيد الخدري في ذكر بناء المسجد قال : كنا نحمل لبنة لبنة وعمار يحمل لبنتين لبنتين فينفض التراب عنه ويقول : ( ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار) قال : يقول عمار : ( أعوذ بالله من الفتن ) رواه البخاري .

كان النبي يتعوذ من الفتن لأنها إذا جاءت لا تصيب الظالم وحده وإنما تصيب الجميع , ويتضرر بها المجتمع كله .


السابع عشر : تعظيم حرمات المسلمين :


إن تعظيم حرمات المسلمين من المطالب الشرعية الضرورية بل هي من الضرورات الخمس الذي جاء الإسلام بحفظها ـ والاعتداء عليها من كبائر الذنوب


قال تعالى : {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ أنtوَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } النساء93


وعن جابر بن عبد الله خطب الناس يوم عرفة فقال :
(ن دمائكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم في شهركم هذا , في بلدكم هذا ... الحديث )
رواه مسلم
لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح , فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده )


عن النبي صلى الله عليه وسلم :
قال : ( من حمل علينا السلاح فليس منا ) رواه البخاري


وعن أبي هريرة  عن النبي  قال : ( لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح , فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار) رواه البخاري


وعن جابر (أن رجلا مر في المسجد بأسهم قد بدا نصولها , فأمره النبي  أن يأخذ بنصولها , لا يخدش مسلما ) رواه البخاري وقال  من أشار إلى أخيه بحديدة لعنته الملائكة ولو كان مازحا )


قال ابن العربي: إذا استحق الذي يشير بالحديدة اللعن فكيف الذي يصيب بها , أ ـ هـ الفتح (13ـ 32) فمن وقرفي قلبه معاني هذه النصوص واستحضر عظمة المسلم عند الله وماله من الحرمة أحجم عن أذية أخيه المسلم بقول أو فعل في نفسه أو ماله أو عرضه وعظم حرمته ورعى حقه وأما من لم يرفع بكلام الله ورسوله رأسا ولم تستقر المعاني في قلبه وحمل بين جنبيه نفسا عدوانية شيطانية فإنه لا يراعي للمسلمين حرمة ويسعى في هتك أعراضهم والاعتداء على حرماتهم وسفك دمائهم {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ } التوبة10 فهو بذلك معتد ملعون ممقوت , ولكن هذا هو حال الفتن إذا حصلت بين المسلمين لذلك جاء الشرع بالتحذير منها فوجب الابتعاد عنها ـ والله يتولى هداك ـ


الثامن عشر : كثرة الاستشارة :


إن أخشى الناس لله وأتقاهم له وأكمل الناس عقلا , وأفضلهم رأيا وأغزرهم علماrالنبي والصحابة لا يقطعون أمرا دونه ومع ذلك يقول الله له : {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159فيأمره


بمشاورة أصحابه ويمدح الله عباده بقوله : 
{وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }الشورى38


قال السعدي ـ رحمه الله ـ : وهذا يشمل جميع أمورهم الدينية والدنيوية الداخلية والخارجية العامة والخاصة أ ـ هـ . الرياض يشاور أصحابه في كل ما يحتاج إلى مشورة ويأخذrالناضرة للسعدي ص 59


لذلك كان النبي برأيهم إذا كان صائبا وربما أبتدؤه بالرأي فيأخذ به وكان في بدر يقول قبل المعركة :أشيروا علي أيها الناس : فقام المقداد فتكلم , وقال : أشيروا علي أيها الناس يريد الأنصار وإنما كانت المشاورة بهذا المقام الجليل وذلك لما يترتب عليها من المصالح الكلية العامة في الشؤون الدينية والدنيوية والسياسية والعسكرية وغيرها . 
قال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ : ( والله ما تشاور قوم إلا هدوا لأفضل ما يحضر بهم ثم تلا { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } رواه البخاري في الأدب


وقد أحيا الصحابة أمر الشورى في حياتهم وكان لها شأن عظيم في دولتهم مع الخلفاء الراشدين,ولا شكأن الشورى فيها من الفوائد ما لا يمكن حصره ولو لم يكن فيها إلا أن المشاور لا يكاد يخطى في فعله , ويكون أقرب إلى إصابة الحق وإن أخطأ أو لم يتم له المطلوب فليس بملوم لكفى ,


ولما كان المسلمون قد طبقوا هذا الأصل في صدر الإسلام على أمورهم الدينية والدنيوية استقامة لهم الأمور وتحسنت أحوالهم فلما أنحرف من جاء بعدهم عن هذا الأصل مازالوا في انحطاط في دينهم ودنياهم ومازالت الأزمات الاقتصادية والسياسية وما يتبعها في ازدياد ولن يخرجوا مما هم فيه حتى يعودوا إلى هذا الأصل الذي أضاعوه .

وأهل الشورى ينبغي أن يكونوا من المتأهلين علميا أو من أهل الخبرة في كل شأن من شؤون الحياة , ومن ليس بأهل للشورى لا ينبغي أن يشاور وإلا فالمفاسد المترتبة على مشاورة من ليس بأهل كبيرة ومن أثارها ما نرى في واقعنا المعاصر من إقدام بعض الشباب وممن يزعم الإصلاح ونصرة الدين ـ عن حسن نية ـ نحسبهم كذلك والله حسيبهم ـ على أعمال عامة تحت مظلة نصرة الدين فكانت لها أضرار سيئة على الإسلام عموما والمسلمين وعلى الدعوة إلى الله خاصة وكانت سببا في احتلال أراضي المسلمين وتقوية عدوهم وذلك بسبب إقدامهم على أعمال لم يستشيروا فيها أهل العلم والحلم والعقل بل استشاروا من ليس أهلا للاستشارة فضلوا وأضلوا , فلا الإسلام نصروا , ولا الباطل كسروا ويصدق فيهم قول القائل :


رام نفعا فضر من غير قصد***ومن البر ما يكون عقوقا



وأنك لتستحي من بعض مجالس الشورى في بعض البلدان الإسلامية عندما يجعلون فيها كل من هب ودرج ومن ليس بأهل فما ترى فيهم إلا كسير وعوير وثالث ما فيه خير , مع الأوسمة والألقاب والشهادات العالية , كدكتور ـ وبروفسور ـ والفخامة ـ وغير ذلك مما يذكرنا بملوك الأندلس , المعتز بالله ـ والمعتضد ـ والواثق ـ والمعتصم ـ وغيرها من الأسماء والألقاب مع بعدهم عنها فقال القائل فيهم وقد صدق :

مما يزهدني في أرض أندلــس***أسماء معتضد فيها ومعتـصم
أسماء مملكة في غير موضعها ***كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد



فيا أمة الإسلام لن تصلح أموركم إلا بإحياء الشورى الشرعية بينكم في الإتباع ولكم أسوة فيrوتنصيب من هو أهلا لها مع التجرد لله في العمل والرسول علماء اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية , كيف يجتمعون إذا أستجد حدث واحتاج إلى توضيح وبيان , فأنهم يجتمعون ويتشاورون مع أهليتهم ومكانتهم العلمية وأن الواحد منهم لو أجتهد في نازلة لكان أهلا لها لمكانته العلمية ولكنهم يحيون طريقة سلفهم الصالح في الشورى أسال الله أن يوفقهم ودولتهم للخير وسائر دول المسلمين .


التاسع عشر : التوبة النصوح :


فالتوبة واجبة في كل وقت وحين وعند الفتن تكون آكد واوجب , لأنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولن يرفع إلا بتوبة صادقة فعلى كل مؤمن ومؤمنة إن ينظر في حاله مع ربه وفي جميع شؤونه قال تعالى : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } النور31


فلابد من التوبة وذلك برد المظالم لأهلها , وترك الربا والفسق والمجون والإسراف وغير ذلك من الأمور لعل الله أن يصلح الأحوال ويرفع البلاء ويكشف الكربة ـ سبحانه ـ فهذه بعض القواعد عند أهل السنة والجماعة في مواجهة الفتن وكيف التعامل معها إذا جاءت فلا بد من مراعاتها حتى لا يتضرر المسلم بها وتسلم المجتمعات المسلمة وتبقى امة الإسلام متماسكة مترابطة متآلفة ـ وتبقى راية الإسلام خفاقة مرتفعة وتقام شعائر الدين كاملة.


وخلاصة القول : إن الاعتصام بالله عز وجل والتمسك بسنة نبية المسلم وتحفظ عليه دينه , وإن من أسباب الفتن والخوض فيها والتلطخ بها استعداد القلب لها كما ورد في الحديث الصحيح ( الماشي فيها خير من الساعي , ومن تشرف لها تستشرفه ) رواه البخاري .


أي من تطلع لها صرعته فيها وأصبح جزاء منها ـ عياذا بالله ـ وأحيانا يهرب المرء من الفتن فيلاحقك أهلها ولا يزالون بك يزينونها لك كما قال : أبو الدردا ناقدوك وان تركتهم لم يتركوك , وان هربت منهم أدركوك ) ان الفتن إذا حدثت تجعل الرجل العاقل حيرانا فلا تدري أين ذب عقله وكيف فسد تفكيره ..


يتبع ,,,,
راجية الفردوس غير متواجد حالياً  
قديم 05 Mar 2011, 02:38 PM  #5
مشرفة الدعوة والداعيه ~

الصورة الرمزية راجية الفردوس

تاريخ التسجيل: Dec 2006
الدولة: عــــ الإسلام ـــــز
المشاركات: 10,696
معدل تقييم المستوى: 1324
راجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond reputeراجية الفردوس has a reputation beyond repute
افتراضي


آثـار الفتن على الأمــة :ـ


بعد هذا العرض الموجز الذي سبق عن الفتن وأسبابها وكيفية الوقاية منها ـ اذكر هنا بعض الآثار السيئة للفتن وما هي تبعات هذه الفتن على الأمة ـ ومن أهم هذه الآثار السيئة ما يلي:


1ـ ضعف الإيمان :


الفتن ضررها كبير على الفرد والمجتمع وعلى الدين بسبب الفتن يبعد الناس عن الدين وعن العلم والتعلم ويحل مكانه الجهل , مما ينتج عنه ضعف الإيمان وقلة الخير والعبادة والطاعة وقد يتحول الناس إلى قتلة فجرة مجرمين فالإيمان هو الذي يردع الناس ويحجزهم عن فعل الكثير من المخالفات أو استحلال الدماء والأموال والأعراض ـ


2ـ الاختلاف والتناحر:ـ


إن من أثار الفتن وانتشارها بين الناس , التناحر , والاختلاف وهي من انكى العقوبات التي تنزل بالمجتمع إذا حصلت الفتن فيتحول المجتمع إلى فرق وشيع وأحزاب وجماعات متناحرة وتتنازعها الأهواء والعصبيات الجاهلية وقد يحصل بينهم من الشر والفساد ما الله به عليم ,


مما يجعل المجتمع عرضة للانهيار في كل نواحي الحياة والانهزام امام العدو الخارجي المتربص به , فيطمع فيه وفي خيراته ويدخل في شؤونه الداخلية .. وقد يرتمي البعض في أحضان الأعداء ويتسبب في احتلال الأرض .


3ـ تسليط الأعداء :ـ


لان الفتن الداخلية تضعف الجبهة الداخلية وتنهار قواها مما يجعل العدو يطمع فيها ـ وتكثر بينهم الخيانات ومن ثم يكثر التسلط عليها خارجيا وداخليا ـ فيدخل العدو على صفته مصلح ومنقذ وملخص فيقضي على ما بقي من الخير عند الأمة وينهب ثرواتها وخيراتها ويذل رجالها وشبابها ويستغل وجوده في نشر الشر والفساد بل يسعى لطمس هوية الإسلام :


4ـ الأزمات الاقتصادية :ـ


فقد تحل بالأمة أزمات اقتصادية مدمرة وارتفاع كبير في السلع الضرورية من المواد الغذائية مع كثرة البطالة وقلة الأعمال بسبب الفتن , فتتلاطم به أمواج الفقر والضوائق ويذوق الويلات وأصنافا من العذاب فتأتي المنظمات التنصيرية لمساعدتهم تحت شعارات مزيفة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب , وقد تصرف الأموال الكثيرة في معالجة الفتن وآثارها المدمرة ولربما ترجع الأمة إلى الخلف سنوات عديدة وكان الأولى إن تصرف هذه الأموال في التنمية والتقدم وتطوير البلاد بالمشاريع النافعة كالمستشفيات والمدارس والطرقات والمشاريع الاستثمارية ,

لكن الفتن ضيعت ذلك فخسرت الأمة كثيرا , فهل يدرك العقلاء أثار الفتن السيئة ويحجزوا السفهاء عنها


5ـ الإهمال في عد العدة :ـ


بسبب الفتن يحصل الإهمال الكبير في عد العدة سواء كانت معنوية وذلك بتماسك القلوب وتأليفها ونشر الأخوة والمحبة بين المؤمنين ليصبح المجتمع كتلة واحدة متماسكة مترابطة . كما قال الله :
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }الحجرات10


وكما قال النبي : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهموتعاطفهم كمثل الجسد 
الواحد إذا اشتكى منه عضو تداع له سائر الجسد بالحمى والسهر ) رواه مسلم


أو العدة المحسوسة وذلك بالتهيئة لمواجهة العدو الحقيقي والجهاد في سبيل الله فتهيئ الأمة الأسلحة القوية الثقيلة بكل أنواعها وتهيئة الأجيال والجيوش للملاحم الكبرى مع الأعداء لاستعادة الكرامة للأمة وتحرير أرضيها المغتصبة . ونشر الخير في الأرض .


6ـ تشويه صورة الإسلام والمسلمين :ـ


يستغل الأعداء الفتن بين المسلمين استغلالا سيئا وذلك بتشويه صورة الإسلام والمسلمين , فيتعجب الناس من هذه الفتن التي تعصف بأمة الأصل في دينها الوحدة والقوة والتالف والتماسك بين أفرادها ثم يظهرون بعض تصرفات ضعاف الإيمان من نهب وسرقة وقتل وغير ذلك ومن ثم يشوه الإسلام في نظر الضعفاء والبسطاء وتقل ثقتهم بالدين , وتذهب ثقتهم بإحكامه فيطالبون بعدها بالأحكام الوضعية المخالفة للإسلام بسبب تشويه صورة الإسلام من خلال الفتن التي عصفت بهم وتختل الموازين عندهم .


7ـ تعطيل أحكام الشريعة :ـ


في ظل الفتن يتعطل العمل بالشريعة ويغيب الحكم والعدل والوسطية فإذا انتشرت الفتن في المجتمعات المسلمة غابت العدالة وركب الناس الأهواء وكثرت الآراء والاعتداد بها وتجر الفتن أقواما إلى أفعال يندمون عليها فيما بعد , وتنتشر الأحكام الوضعية والعرفية . المخالفة للإسلام وكل ذلك بسبب انتشار الفتن بين المسلمين .


8ـ الانقطاع عن العمل :ـ


لان الفتن تعصف بالمجتمع فيتوقف الناس عن أعمالهم , وتتعطل تجاراتهم وتتجمد أموالهم . ويتكبدون الخسائر بسبب الفتن وقد يصل البعض إلى حد الإفلاس وتراكم الديون عليهم فالناس يتركون الأعمال رجاء هدوء هذه الفتن ولالتقاط الأنفاس فتتعطل مصالحهم .


9ـ تضييع الحقوق :ـ

وهذه ظاهرة واضحة لان الفتن في الأصل هي الانتصار للنفس أو لأفراد أو جماعات أو أحزاب فيحصل الاعتداء وإتلاف الأموال في الجانب الأخر فتضيع الحقوق وتكثر المفاسد والمظالم بينهم .


10ـ قتال المسلمين بعضهم لبعض :ـ


هذه هي مصيبة المصائب واكبر الرزايا التي تحل بالأمة فيقتل بعضهم بعضا
ويدمرون مصالحهم ويخربون بيوتهم بأيديهم , ويتركون الأعداء الحقيقين بل يوطئون لهم الطريق لاحتلال بلاد الإسلام والتحكم في خيراتها .ونهب ثرواتها , والتاريخ اكبر شاهد على ذلك والواقع اليوم يحكي هذا الحال المزري


11ـ إيقاع الخلل في النفس :ـ


فتكثر الأمراض النفسية في المجتمعات في حالة انتشار الفتن خاصة بين كبار السن والنساء والأطفال وقد ينتشر بين الشباب فيحصل خلل كبير للأنفس وتعاني الأسر في الفتن وبعد ذهابها من ذلك وتتكبد الخسائر في العلاجات ـ والله المستعان .


هذه بعض الآثار السيئة المترتبة على انتشار الفتن بين المسلمين وهي كثيرة أكثر مما سبق . يتعوذ من الفتن كثيرا وأمرنا بالاستعاذة منها كما سبق وقد كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من شرها لما


تأول إليه من الشر والبلاء والفساد الكبير والعريض على امة الإسلام . 
هذا ما يسر الله جمعه في الوريقات فان أصبت فمن الله وان أخطأت فمن نفسي ـ واستغفر الله منه فمن وجد خطا فينبه عليه مشكورا مأجورا كتبتها مساهما في إرشاد الناس وتوعيتهم وإبعادهم عن الفتن المحدقة بهم , وسلامة لدينهم ودنياهم
{إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }
هود88


اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وارنا الباطل باطلا ورزقنا اجتنابه ولا تجعله مشتبها علينا فنهلك . اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم اجعلنا مفاتيح خير مغاليق شر اللهم إنا نعوذ بك أن نضل أو ُنضل أو نزل أو نُزل أو نظلم أو نُظلم أو نجهل أو يُجهل علينا اللهم جنب بلادنا وبلاد المسلمين الفتن بأنواعها وأشكالها وابعد عنا المفتنين اللهم إنا وارفعrنعوذ بك من شرورهم وندراء بك في نحورهم اللهم حكم فينا كتابك وسنة نبيك راية الجهاد ضد الأعداء يارب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
منقول
ارجو من الله ان اكون قد نشرت شيئا ينفعنا اللهم اجعله فى ميزان حسناتنا